يمكن للألم أن يكون سمة غير حركية لداء باركنسون
أظهرت نتائج إحدى الدراسات (نوع الحالة – الشاهد) أن تواتر الألم ، و بشكل خاص الألم مختل التوتّر(الناتج عن خلل في المقوية العضلية) ، يكون أعلى عند مرضى داء باركنسون (الحالات) مما هو عليه عند المرضى الشواهد . استنتج الباحثون ( و من ضمنهم المؤلف الأول Giovanni Defazioو هو طبيب و باحث في قسمي العلوم العصبية و الطب النفسي في جامعة باري الإيطالية ) أن نتائجهم "توحي بوجوب اعتبار الألم مختل التوتًر أو طبيعي التوتّر سمة غير حركية لداء باركنسون إذا ما حدث مع ظهور البدايات السريرية للداء أو فيما بعد". مضيفاً: " إن نتائج هذه الدراسة يمكن أن تؤثر على تصميم دراسات أخرى تهدف إلى فهم آلية الألم في مرض باركنسون و تحديد الاستراتيجيات العلاجية" .
تم نشر هذه الدراسة في إصدار أيلول من أرشيف الأمراض العصبية .
إحساسات مؤلمة:
يشير الدكتور Defazio و زملاؤه إلى أن المصابين بمرض باركنسون يعانون من إحساسات مؤلمة في أجزاء الجسم المتأثرة و غير المتأثرة بخلل التوتر, مع احتمال كون الألم في أجزاء الجسم غير المتأثرة بالخلل في التوتر العضلي يمتلك سمات تشنجية أو سمات الألم المفصلي ، بالإضافة إلى ألم الاعتلال العصبي المركزي أو المحيطي .
ويقول الفريق: "إن التواتر المرتفع للإصابة بهذه الآلام بين السكان يجعل من الصعب تحديد ما إذا كان الألم أكثر تواتراً بين الأشخاص المصابين بداء باركنسون منه بين الأشخاص (الشواهد) من نفس الفئة العمرية".
إن ثلاثة دراسات سابقة اقترحت أن تواتر الألم عند مرضى داء باركنسون أعلى منه عند مرضى الشواهد، إلا أن هذه الدراسات كانت محدودة بسبب تصميمها, كما أنها لم تميز بين الألم مختل التوتر و الألم غير مختل التوتر.
أما في هذه الدراسة فقد اعتمد الباحثون على تصميم دراسة من نوع (الحالة – الشاهد) في تقييم تواتر الألم المزمن عند عينة كبيرة من مرضى داء باركنسون شملت 402 مريض بالإضافة إلى 317 مريض (شاهد) من نفس الفئة العمرية آخذين بعين الاعتبار نوع الألم ، الفترة بين ظهور الألم و بداية أعراض الباركنسونية بالإضافة إلى عوامل الإرباك الممكنة.
لقد وجد الباحثون أن تواتر الألم كان مرتفعاً بشكل كبير بين مرضى داء باركنسون و ذلك ناتج عن ندرة حالات الألم مختل التوتر المسجلة بين مجموعات الشواهد. أما بالنسبة للألم غير مختل التوتر فقد كان تواتره متقاربا بين مرضى الباركنسونية و المجموعة الأخرى .ويقول الكاتب: "بالرغم من ذلك فقد لاحظنا تلازماً واضحاً بين داء باركنسون و ألم غير مختل التوتر يبدأ بعد ظهور أعراض الباركنسونية" .
إن الألم التشنجي و ألم الاعتلال العصبي المركزي كانا متلازمين بشكل واضح مع داء باركنسون و ذلك على العكس من الألم المفصلي و ألم الاعتلال العصبي المحيطي ، بالإضافة إلى ذلك فقد عانى مرضى داء باركنسون من آلام في الأكتاف ، الظهر و القدمين بشكل أكبر من الأشخاص في مجموعة الشواهد.
ويقول الكاتب أن 22% من الآلام مختلة التوتر, و25% من الآلام غير مختلة التوتر ظهرت على المرضى قبل بدء المعالجة بمضادات الباركنسونية.
"بالرغم من أن الدراسة لم تركز بشكل محدد على تأثير الأدوية المستخدمة لعلاج داء باركنسون على الألم ، أشار المرضى إلى أن التحسن في حالة خلل المقوية نتيجة تغيير جرعة الليفودوبا ما أدى إلى حدوث تناقص في الألم مختل التوتر". "لقد انخفضت حدة الألم التشنجي عند بعض المرضى نتيجة العلاج بالأدوية المضادة للباركنسونية إلا أنه لم يزل تماما . و بالرغم من ذلك لم يحدث تحسن في الألم عند بعض المرضى". لذا فإن المرضى لم يجدوا أي رابط بين التغيرات المتعلقة بالعلاج بالليفوبوبا على العجز الباركنسوني, وبين آلام الاعتلال العصبي.
"لأن النوى القاعدية لا تشارك فقط في الوظائف الحركية ، بل أيضاً في التعامل مع المدخولات الواردة من مستقبلات الأذية و غيرها من المستقبلات فإنه من المحتمل أن أي ضرر سودائي مخططي (في مستوى النواة السوداء والمخططة) ( يسبب خللا في سيطرة النوى القاعدية على مناطق المخ المسؤولة عن معالجة البيانات الواردة من مستقبلات الأذية ) قد يساهم - جزئيا على الأقل - في زيادة احتمال حدوث الألم عند مرضى داء باركنسون .
القرائن السريرية :
أشار بحث سابق تم إجراؤه من قبل الباحث Broetz و زملائه إلى أن ألم الظهر لم يكن فقط شائعا بشكل أكبر بين مرضى باركنسون ، بل أنه لم يعالج بشكل كاف . ففي دراسة تم نشرها في الثلاثين من نيسان من عام 2007 (( إصدار اضطرابات الحركة )) وجد الباحثون أن نسبة انتشار آلام الظهر بين مرضى داء باركنسون كانت 74 % بينما كانت 27 % فقط بين المرضى الشواهد.
لم يتم ربط ألم الظهر عند مرضى باركنسون في هذه الدراسة مع مدة المرض أو شدته بالرغم من أنه سبب درجات أعلى من الاختلال عندهم مقارنة مع بقية المرضى ، و مع ذلك فقد تلقى مرضى باركنسون كمية مماثلة من مسكنات الألم لتلك التي تلقاها غيرهم .
شملت الدراسة الحالية معظم درجات الألم عند مرضى داء باركنسون بالمقارنة مع غيرهم من المرضى الشواهد.
ملاحظات عن الدراسة :
• تم تشخيص داء باركنسون استنادا إلى المعايير المنشورة ، وتم استثناء المرضى الذين وجد لديهم دليل على الإصابة بالخرف من الدراسة . أما (الشواهد) فهم بالغون أصحاء تمت رؤيتهم في العيادات الخارجية .
• بالنسبة لتقييم الألم عند المشاركين بالدراسة فقد تم تسجيل الموضع ، المدة و نوعية الألم و ذلك بعد استثناء الصداع و الألم الوجهي من التحليل .
• لقد تم الاستعلام عن التاريخ الطبي للمشاركين بالدراسة كما أجري لهم تقييم شامل للتحري عن إصابتهم بالاكتئاب . أما بالنسبة لمرضى داء باركنسون فقد تم تقييم شدة المرض لديهم و التدابير المتخذة لمعالجته .
• قارنت هذه الدراسة بين 402 مريض من مرضى داء باركنسون و 317 (شاهد) من نفس العمر . كانت الخصائص السكانية متقاربة بين المجموعات ، أما متوسط عمر المشاركين فقد بلغ 66 سنة و شكلت النساء 40 % تقريبا من المشاركين .
• كان الاكتئاب شائعا بشكل أكبر بين مرضى داء باركنسون مقارنة مع المرضى (الشواهد) ( حيث بلغت النسبة 16.7 % و 6 % على الترتيب ) ، و من ناحية ثانية فقد كانت نسبة الحالات الطبية المترافقة مع الألم عند المرضى (الشواهد) أعلى منها عند مرضى باركنسون ( 35.3 % مقابل 24.6 % ) .
• بلغت نسبة الإصابة بخلل التوتر عند مرضى داء باركنسون 16.9 % ، أما نسبة الإصابة بخلل الحركة فقد كانت 7.5 % .
• كانت نسبة انتشار الألم مرتفعة بشكل كبير عند مرضى داء باركنسون حيث بلغت 69.9 % بينما بلغت 62.8 % عند المرضى الشواهد.
• كان معدل انتشار الألم غير المرتبط بخلل التوتر متقاربا بين مرضى باركنسون و غيرهم من المرضى ، و لكن بعد أن اقتصرت المقارنة على الفترة التي تلت تشخيص مرض باركنسون كان الألم غير مختل التوتر شائعا أكثر بمرتين عند مرضى باركنسون منه عند الآخرين .
• إن الألم التشنجي و ألم الاعتلال العصبي المركزي مرتبطين بشكل كبير بمرض باركنسون و ذلك على العكس من الألم المفصلي و ألم الاعتلال العصبي المحيطي .
• إن الكتفين ، الظهر و القدمين كانت مواقع شائعة للألم عند مرضى داء باركنسون مقارنة مع غيرهم من المرضى (الشواهد) .
• إن مدة الإصابة بداء باركنسون لم تؤثر على مستويات الألم ، إلا أن الحالات الشديدة من المرض ترافقت بشكل أكبر مع الألم مختل التوتر .
• ما يقرب من ربع المرضى الذين يعانون من الألم المرافق لداء باركنسون تعرضوا لألم قبل البدء بالعلاج المضاد للباركنسونية .