إرشادات لمرضى حمى البحر المتوسط
حمى البحر المتوسط من الأمراض الوراثية وتتميز بنوبات حادة من ارتفاع درجة الحرارة والتهاب أغشية الأحشاء الداخلية والتى تتكرر بصورة غير منتظمة وقد تؤدى إلى مضاعفات بالكليتين إذا لم تعالج بصورة دائمة ومنتظمة.
وتزداد احتمالات توريث هذا المرض للأبناء فى حالة زواج الأقارب أو إذا كان المرض موجودا فى عائلات الزوجين معا وتنتشر فى الأسر التى تعيش فى البلدان المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط ومن هنا جاءت التسمية حيث ينتشر المرض فى اليهود و الأتراك و الأرمن و العرب. ومعدلات حمل الجينات المسببة للمرض قد تصل إلى 20% فى بعض هذه المجتمعات أى أن المرض أكثر انتشاراً مما قد يتوقع البعض. هذا وتكون معدلات الانتشار قليلة نسبيا فى اليونان وأسبانيا وايطاليا ونادرة فى ألمانيا وانجلترا وبعض فصائل اليهود (الاشكيناز) وباقى بلدان أوروبا.
وتبدأ أعراض المرض فى الظهور قبل سن 5 سنوات فى حوالى 65% من الحالات وقبل سن 20 سنة فى 90% منها ولكن تم تشخيص بعض الحالات منذ سن 6 شهور بعد الولادة. ونوبة المرض تستمر عادة من يوم إلى 4 أيام وتكون فى صورة حمى (ارتفاع بدرجة الحرارة) مصحوبة بواحد أو أكثر من الأعراض التالية:
- ألم بالبطن نتيجة لإلتهاب بالغشاء البريتونى فى 90% من الحالات وقد يتم عن طريق الخطأ تشخيص المغص على أنه التهاب بالزائدة الدودية أو قد يتعرض المريض لجراحة استكشافية فى أحدى هذه النوبات.
- التهاب أو ألم بالمفاصل فى 85% من الحالات ولكن لا يؤدى إلى تشوهات بالمفاصل.
- ألم بالصدر نتيجة لإلتهاب بالغشاء البلورى فى 20% من الحالات.
وقد تشتمل الأعراض أحياناً على التهاب بالغشاء التيمورى المحيط بالقلب أو الأغشية المحيطة بالخصيتين مما يسبب الآلام. وأحياناً أيضا يحدث طفح جلدى أحمر اللون على الساقين فى صورة بقع كبيرة الحجم نسبيا أو قد تحدث بقع صغيرة داكنة اللون و نزف بالجلد على الساقين والإليتين وأحيانا الذراعين نتيجة لإلتهاب الأوعية الدموية. كما قد تحدث آلام بالعضلات أو تضخم بالطحال أو بعض الأعراض العصبية أو نقص فى إفراز هرمون الغدة الدرقية والذى يؤدى إلى خمول وسمنة وزيادة فى عدد ساعات النوم. ولكن يجب التنويه إلى أن هذه الأعراض نادرة الحدوث وأن غيابها لا يمنع التشخيص الإكلينيكي وفى حالة عدم تناول العلاج بصورة منتظمة و دائمة فإن ثلث إلى نصف الحالات يتعرض للإصابة بمضاعفات المرض و أهمها ترسب مادة الأمايلويد فى الكلى و أعضاء الجسم الأخرى و يمكن تشخيص ذلك بوجود نسبة عالية من الزلال فى البول والتى تزداد بمرور الوقت حتى يحدث تورم بالجسم يبدأ حول العينين ثم فى الساقين وخصوصا فى الصباح الباكر ثم بمرور الوقت ينتشر بالجسم كله (الأوذيما الكلوية) وقد يؤدى إلى تجمع الماء بالغشاء البريتونى (الاستسقاء) كما قد ينتهى إذا تم إهمالة بالفشل الكلوى فى بعض الحالات. وهذه المضاعفات تزداد بصفة خاصة فى بعض فصائل اليهود (السيفارديك) والأتراك والأرمن ولكن قد تحدث فى أى مريض بحمى البحر المتوسط والذى لا يتناول العلاج المناسب بصفة منتظمة ودائمة.
والتشخيص يكون إكلينيكيا بالمقام الأول أى أنه يعتمد على فهم الطبيب المتخصص للأعراض و ذلك عن طريق أخذ التاريخ العائلى بصورة مفصلة ثم فحص المريض إكلينيكيا لتوقع التشخيص وذلك لأنه لا توجد فحوص معملية مؤكدة للجزم بوجود المرض ولكن يمكن عمل تحاليل وراثية لبعض الأسر للتوصل إلى الجين المسبب للمرض وتوقع معدلات توريثه فى أطفال الأسرة.
وعلاج حمى البحر المتوسط سهل وغير مكلف حيث تستجيب معظم الحالات للعلاج بعقار الكولشيسين والذى يكون فى صورة أقراص يتناولها المريض تحت الإشراف الطبى مرة أو مرتين يوميا. والطبيب المتخصص وحده هو الذى يستطيع تحديد الجرعة المناسبة لكل مريض ومتابعة مدى استجابته وعدم تعرضه للمضاعفات. هذا ولم تثبت خطورة لتناول هذا العقار فى السيدات الحوامل سواء عليها أو على الجنين إذا ما تم هذا تحت الإشراف الطبى ومن الأعراض الجانبية النادرة لهذا العقار حدوث نقص بكرات الدم البيضاء أو إسهال نتيجة لسوء الامتصاص أو ضعف بالعضلات خصوصا إذا ما تناول المريض بعض العلاجات التى لا تتناسب معها ويجب اللجوء للطبيب المعالج عند حدوث أى أعراض جانبية وقبل تناول أى عقاقير أخرى. وعقار الكولشيسين لا يمنع الأعراض فحسب بل يجنب المريض المضاعفات بالكليتين و نادرا ما يحتاج بعض المرضى إلى علاجات أخرى مصاحبة فى حالة عدم الاستجابة للكولشيسين وحده.
ومن المؤكد أن التشخيص المبكر وتناول العلاج بصورة منتظمة ودائمة و المتابعة الطبية الدقيقة تؤدى إلى ممارسة الطفل المصاب بحمى البحر المتوسط لحياته بصورة طبيعية تماما حيث ينمو ويتطور بدون مضاعفات مستقبلية إن شاء الله.